ملامح الاستدامة في التراث المعماري العمراني بصحراء الجزائر

بين الفراغ والإنسان علاقة متبادلة تتعلق بمدى تفاعلهما، وتأثير أحدهما عن الآخر طبقا لمدلولات المنظومات المختلفة التي تشكل المجتمع المحلي، والتي تلعب الدور الأساسي في تحديد شكل تلك العلاقة وصور تمثيلها من قبل المستعمل في فراغيه الخاص والعام ، وتحديد نمط تملكه للفراغ وكيفيات التعامل مع شركائه فيه.
تلقي هذه الورقة الضوء على العوامل الفاعلة في تحديد هذا النمط لتملك الفراغ المعماري والعمراني في مدينة صحراوية بالجزائر من خلال بيئتها العتيقة (بسكرة القديمة)، لما تتوفر عليه من عناصر عمرانية معمارية استطاعت أن تمنح الإنسان بمختلف شرائحه – رغم النقائص التقنية التي تنتابها- في هذه المدينة راحة نفسية معتبرة، وتوثق العلاقة الوجدانية بينه وبين الفراغ، ولما تتوفر عليه من كفاءة اجتماعية اقتصادية ومناخية...
كما تبحث عن الأسباب التي تضبط تلك الكيفيات، وتحاول تقصي دلالات ذلك من المنظومات المختلفة، التي تلعب دورا أساسيا في تنظيم الفراغ المعماري العمراني، وتحديد قيمة الانتماء لهما، ومن ثم استنتاج ملامح الاستدامة التي تتوفر عليها مثل تلك البيئات، على غرار مدن أخرى في العالم العربي الإسلامي, خصوصا وأن المدينة بالجزائر تتميز بمناطق مناخية واجتماعية-ثقافية متنوعة، جديرة بإفراز نماذج للتعامل مع هذا الفراغ كلما زاد المجتمع اتساعا وتطورا.