في ظل الظرفية المشروطة...هل المطلوب تنمية زراعية ام تنمية ريفية

Authors: 
د. فايز فريجات
Abstract: 

مع الاستمرار في بناء المستعمرات اليهودية على الأراضي الفلسطينية, والسيطرة الإسرائيلية التامة والمتواصلة على موارد ومصادر المياه الجوفية والسطحية في الأراضي الفلسطينية والاستمرار في بناء الجدار العنصري على أراضي الضفة الغربية ومواصلة تطويق ومحاصرة القرى والتجمعات البشرية الفلسطينية, واللهث المتواصل وراء ضم أكبر مساحة ممكنة من الأراضي الزراعية الى إسرائيل أخذت الزراعة والريف تشهدان تحولات اقتصادية واجتماعية وديمغرافية عميقة, وأخذت تبرز الكثير من التساؤلات وأبرزها :
-هل الريف الفلسطيني سيفقد سكانه في آفاق زمنيه معينه ؟
-هل ستختفي المزرعة العائلية أو ستظهر في مكانها أشكال وتركيبات تنظيميه أخرى ؟
-هل الزراعة ستسيطر كمهنه أم سيسيطر الريف ؟
في ظل الوضع السياسي المزمن في الأراضي الفلسطينية, وخاصة بعد اتفاقيات أوسلو وتقسيم الأراضي الفلسطينية إلى مناطق (ا), ومناطق (ب) ومناطق (ج) عام 1993, أصبحت أكثر الظواهر وضوحا للمسألة الزراعية في فلسطين هو انخفاض مستوى الإنتاج الزراعي الذي يرتبط بعدم تطور القوى العاملة وانخفاض إنتاجية العمل, وكذلك تتعقد هذه الحالة بشكل إضافي بسبب التركيب الزراعي المتخلف والتقسيم غير العادل للإنتاج الزراعي, حيث أصبح الحيز الفلسطيني وخاصة الريفي منه يواجه مسائل دون السيطرة السياسية والإدارية الفلسطينية. مما يعني وقوع القطاع الزراعي الفلسطيني ضمن ما أصبح معروفا بالظرفية المشروطة, والتي أصبحت تعني القدرة المحدودة لحركة وتدخل الجانب الفلسطيني فيما يحدث في الحيز الذي يعيش فيه, وهو الامتداد الطبيعي لإمكانيات تطوره وتنميته, فخلال فترة أسلو يحول الإسرائيليون دون حركة الفلسطينيين في مناطق "ج" والتي تشكل حوالي ثلثي الأراضي الفلسطينية حالياً.
فمسائل تحديد الأقاليم والحيز الريفي الفلسطيني ما زالت تعتمد على فرضيات ومطالب فلسطينية تواجه معارضة إسرائيلية. وحتى أن الجزء الأكبر من هذا الحيز الفلسطيني ما زال يحظر على الفلسطينيين الدخول إليه أو تطويره.
إن تسلم السلطة الوطنية الفلسطينية إدارة, تطوير وتنمية أجزاء من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة, خلال الفترة الانتقالية تمت خلالها السيطرة المشروطة والمحدودة على موارد الأرض, المياه والأمن والتشريع, خلقت فرصة للفلسطينيين من أجل تنظيم وتطوير حيزهم على مراحل, وفي نفس الوقت شكلت عبئا على كاهل السلطة الفلسطينية بحيث أنها لا تستطيع إدارة شؤونها بحرية حسب الاحتياجات والطموحات الفلسطينية.
هذا الواقع السياسي والإداري كان له اثر مباشر على صياغة الظروف الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع الفلسطيني والحد من حرية حركته الحيزية والتنموية, وأيضا كان له أثر مباشر على واقع الزراعة وعلى واقع الريف الفلسطيني سكانيا ووظيفيا وعمرانيا.
سيحاول الباحث في هذه الدراسة أن يستقريء مستقبل الزراعة في الأراضي الفلسطينية كأحد مكونات الريف الفلسطيني لا كوظيفة أو مكون رئيسي, في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية والديمغرافية التي يشهدها الريف الفلسطيني في ظل الاحتلال الإسرائيلي.