الثقافة كوسيلة للتمكين النفسي والاجتماعي في مواجهة القمع اليومي تجربة سجن نابلس المركزي في سبعينات القرن الماضي

Authors: 
د. سامي الكيلاني
Abstract: 

تدور بين السجين السياسي وسجانه معركة صامتة بين طرفين واعيين: السجين الواعي لرسالته الوطنية-الاجتماعية الإنسانية والسجان الواعي لخطط مؤسسته القمعية التي تعمل وفق برنامج لئيم مخطط. تدور المعركة تحت سطح المياه اليومية الساكنة ظاهرياً، أو كجبل جليدي لا يبدو منه سوى رأسه المتمثل بالمواجهات المادية. الحجم الأكبر لهذا الجبل الجليدي يتمثل في خطة لهزيمة الإنسان داخل السجين وجعله يائساً تمهيداً لإجباره على الانسحاب من المعركة والدخول في قوقعة الذاتي المحض، وعلى الطرف الآخر مناضل يعمل على إفشال هذا المخطط بالحفاظ على إنسانيته وقيمه لكي يبقى أداة للمعركة الكبيرة الحاسمة بين الظالم والمظلوم. وتتناسب الأدوات التي يستعملها كل طرف مع طبيعة مهمته ورسالته: رسالة إنسانية مقابل رسالة لاإنسانية، والأصح أن نقول يفترض أن تتناسب لأن هناك خروجاً فردياً عن ذلك في الطرفين. ويعتبر العمل الثقافي بمعناه الواسع وبتنوعاته ميداناً أساسياً من ميادين هذه المعركة. ومن تجليات هذا الميدان العريضة: حصار يحاول قطع السجين عن ثقافته الإنسانية ومصادرها مقابل فعل ثقافي متدرج المستويات والأشكال من اليومي المسموع إلى المنظم المكتوب يعمل على إسقاط هذا الحصار. تعرض هذه الورقة تجربة ذاتية، ولكنها في الوقت ذاته، تعكس تجربة جمعية للحياة الثقافية في سجن نابلس المركزي خلال السنوات 1980 - 1977 ، بالتطرق إلى أشكال العمل الثقافي والتربوي التوعوي في حياة المعتقلين وردود فعل إدارة المعتقل على هذا الفعل الدؤوب المتحدي