علي بن محمد المدائني (ت 228هـ) ودوره في كتابة التاريخ

Year: 
2001
Discussion Committee: 
Supervisors: 
د. جمال جودة
Authors: 
عماد عزام جوابرة
Abstract: 
المدائني هو علي بن محمد بن عبد الله بن أبي سيف ويكنى بأبي الحسن, قرشي الولاء, فهو مولى سمرة بن عبد الرحمن بن حبيب بن عبد شمس القرشي, ولد في البصرة سنة 135هـ, ويتوقع أنه شب في البصرة مسقط رأسه, ثم انتقل إلى المدائن وإليها نسب, ومنها انتقل إلى بغداد وبقي فيها حتى توفي سنة 228هـ, ولا تذكر المصادر تاريخ انتقاله من البصرة إلى المدائن ومن المدائن إلى بغداد, أو الفترة التي قضاها هنا وهناك. كان المدائني من المقربين جداً من الشاعر والمغني للخلفاء والوزراء إبراهيم الموصلي, لذا فقد استفاد منه علمياً ومادياً واجتماعياً. وتشير المصادر إلى صلته بالخليفة من خلال عدة لقاءات جمعته مع المأمون, وبالرغم من ذلك لم يكن له أي نشاط سياسي. واتجه المدائني في العقد الأخير من حياته إلى الزهد فيذكر أنه كان يكثر من الصيام والعبادة. امتاز المدائني بغزارة إنتاجه العلمي, فقد تبين أنه صنف 256 ورقة وكتاباً, وللأسف لم يصلنا منها سوى كتابين هما: كتاب التعازي وكتاب المردفات. وقد عنيت هذه الدراسة بجمع آثاره التاريخية من مصادرها الأولى التي حفظتها لنا, فبلغ عدد الروايات 5236 رواية تاريخية. تم تصنيف الروايات حسب الموضوعات مع مراعاة التسلسل الزمني ومقارنة الخبر الواحد في حالة وروده في أكثر من مصدر واحد, وتثبيت الخبر الوارد في المصدر الأقدم وتثبيت الاختلافات في الحواشي. لقد اتضح أن المدائني تناول التاريخ الإسلامي من خلال التاريخ العالمي حين تحدث عن المبتدأ (بداية الخليقة) وانتهى بفترة الواثق (227- 232هـ) مظهراً الاهتمام الأول في الفترة الإسلامية وبخاصة الأموية والعباسية منها, أي أن محورية التاريخ العالمي هو التاريخ الإسلامي, وهذا ما ظهر لدى المؤرخين الكبار من بعده وبخاصة الطبري (ت 310هـ). من الواضح أن المدائني كان يعي أن حركة التاريخ وفهمها مرتبط بالأوضاع الاجتماعية والأدبية والسياسية وبفعاليات الأمة, لذا اهتم بكل هذه النواحي. وزاد من أهمية رواياته أنه استقاها من مختلف الأمصار الإسلامية. ولتأثر المدرسة التاريخية بمدرسة أهل الحديث في القرن الثالث الهجري, نراه يهتم بالإسناد بشكل واضح, لذا جاءت أكثر رواياته مسندة, مع أنه روى شخصياً ما يقارب 1462 رواية بدون إسناد. وبرزت شخصية المدائني ناقداً ومدققاً في الروايات من خلال تدخله في الروايات لنفي خبرٍ أو تثبيته أو توضيحه. تتلمذ المدائني على مجموعة من علماء الحديث وسمع منهم, فكان منهم الثقات ومنهم من وصف بالكذب والضعف في الحديث, ومن شيوخ المدائني كذلك الأدباء والإخباريون والنسابة, مثل مسلمة بن محارب (مؤدب جعفر بن أبي جعفر المنصور) الذي استند عنه 158 رواية, وسحيم بن حفص أبو اليقظان (ت 290هـ) الذي اسند عنه 98 رواية, ويزيد عن عياض ابن جعدبة الكلبي (ت 147هـ) الذي اسند عنه 52 رواية, وعلي بن مجاهد بن مسلم الكابلي أبو مجاهد (ت 180هـ) وقد اسند عنه 52 رواية, ولوط بن بحيى بن مخنف الأزدي (ت 157) وغيرهم. وقد تتلمذ على المدائني طبقة من كبار الإخباريين والمؤرخين, فقد كانت له حلقة يجلس فيها تلاميذه يدرسون عليه كتبه ويتناقشونها, وكان منهم البصري والمدني والشامي والمصري وغير ذلك. ومعظمهم من المصنفين ومنهم المحدثون وأشهر تلاميذه الذين ترجم لهم في هذه الدراسة: عمر بن شبة بن عبيد بن ريطة النمري (ت 262هـ) حيث اسند عنه 228 رواية, وأحمد بن الحارث بن المبارك الخراز (ت 258هـ) الذي اسند عنه 178 رواية وروى عنه كتاب المردفات, والحسن بن علي بن المتوكل (ت 291هـ) وروى عنه كتاب التعازي 154 رواية, وأحمد بن أبي خيثمة زهير بن حرب بن شداد (ت 279هـ) فقد روى عنه 96 رواية, وخليفة بن خياط بن أبي عبيد العصفري الملقب شباب (ت 240هـ) فقد روى عنه 78 رواية, والزبير بن بكار بن عبد الله بن مصعب بن ثابت الأسدي المديني (ت 256هـ) الذي أسند عنه 38 رواية وغيرهم. ويدل حجم النقولات عنه على الثقة التي تمتع بها, مما جعله يحتل مكانة علمية مرموقة, وشكل بذلك درجة أعلى من أسلافه أو الذين سبقوه. كان أسلوب المدائني سهلاً واضحاً, واستخدم أسلوب الحوار في الروايات مما أعطاها طابعاً علمياً أدبياً مشوقاً, وأهتم بعنصر الزمن والمسافات وأوائل الأشياء وتحديد الأماكن الجغرافية, كما استشهد بالقرآن والشعر ومعاهدات الصلح في كثير من رواياته لإثبات خبر أو نفيه خبر معين. لقد شكل المدائني بسعة رواياته وشمولياتها مجتمعة تطوراً في المدرسة الإخبارية, لنقلها إلى المدرسة التاريخية, وهكذا يمكن اعتباره من المؤرخين الأوائل, إذا ما عرفنا أنه اهتم بفعاليات الأمة ومحاولته ربطها بالتاريخ العالمي بشكل بدائي, لذا اعتمد عليه عمالقة المؤرخين الذين ظهروا من بعده مباشرة كالبلاذري (ت 279هـ) والطبري (ت 310هـ).
Pages Count: 
476
الحالة: 
Published