Discussion Committee:
د. عدنان ملحم - مشرفا ورئيسا
د. عامر نجيب - ممتحنا خارجيا
أ.د. جمال جوده - ممتحنا داخليا
Abstract:
استعرضت الدراسة صورة بلاد الهند عند خمسة من أشهر المؤرخين المسلمين الذين عاشوا ما بين القرنين الثالث والخامس الهجريين ، وهم البلاذري (ت 279 ه / 892 م) ، واليعقوبي (ت 292 ه/ 905 م) ، والطبري (ت 310 ه/ 922 م) ، و المسعودي (ت 346 ه/ 957 م) ، والبيروني (ت 440 ه/ 1048 م) . وتناولت خلفياتهم الاجتماعية والثقافية والسياسية ، ومصادر رواياتهم عن الهند، وميول رواتها واتجاهاتهم . وأوضحت الدراسة أن هؤلاء المؤرخين قد تكاملت معلوماتهم عن الهند ، فاكتملت الصورة عنها . وأشارت الدراسة إلى أن الهند بلاد واسعة ، سميت بهذا الاسم نسبة إلى "السند والهند" ، وهما من أحفاد نوح عليه السلام. وتعتبر مهد البشرية الأول ، حيث أهبط آدم عليه السلام على أرضها ، وفيها وقعت حادثة التنور التي ذكرها القرآن الكريم بقوله تعالى :" حَتَّى إِ َذا جَاءَ أَمْرَُنا وَفَارَ التَّنُّور " . وعامة أهل الهند يتصفون بالبشرة السمراء ، والحكمة والصلاح ، ودقة النظر في الأمور . وبينت الدراسة تنوّع تضاريس الهند ، فهناك الجبال ، والأودية ، والأنهار ، وبحر الهند الذي تفرعت عنه الكثير من البحار، وضم أكثر من ألف جزيرة استنادًا لمعلومات المسعودي . كما أوردت أسماء العديد من المدن والمراكز العمرانية فيها. واهتم اليعقوبي والطبري والمسعودي بالحياة السياسية في الهند ، من حيث نشأة الدولة على يد البرهمن الأكبر ، وتأسيس نظام الحكم الملكي الوراثي . كما شهدت البلاد حالة من التشرذم والتجزئة السياسية أدت إلى قيام عدة ممالك ودويلات . وقد تمتع المسلمون في تلك الممالك باحترام كبير . وكان بعض ملوكها من المسلمين ، مثل مملكة المولتان التي حكمها رجل من قريش . وذكرت مصادر الدراسة أسماء الكثير من ملوك الهند ، الذين تلقبوا بعدة ألقاب أشهرها البلهر، و المهراج . كما أبرزت جوانب عديدة من حياة الملوك مثل قلة ظهورهم أمام العامة ، وحرقهم بعد الممات . وتعرضت المصادر إلى علاقات الهند الخارجية ، التي اتسمت بالصراعات والحروب مع غيرها من الدول كاليمن وفارس وفلسطين واليونان. واهتمت مصادر الدراسة بالحياة الاقتصادية في الهند ، فأشار اليعقوبي والمسعودي إلى تنوّع الإنتاج النباتي ، ففيها أشجار الطيب و الفواكه ، و نبات قصب السكر والأرز، وأشجار القنا والخيزران والأبنوس والصبر. وكشفت الدراسة عن الثروة الحيوانية في الهند ، فذكرت أسماء العديد من حيواناتها مثل: الفيل والكركدن والأبقار والإبل . وأشار المسعودي والبيروني إلى قيام صناعات متنوعة فيها ، أهمهما صناعة الأسلحة، والملابس ، والعطور ، والسفن . وفيها الكثير من المعادن والثروات الطبيعية ، منها الذهب ، والفضة، واللؤلؤ ، والمرجان ، والحديد ، والنحاس. وتحدثت مصادر الدراسة عن الحركة التجارية ، حيث أسهمت عدة عوامل في ازدهارها منها: وفرة الإنتاج النباتي والحيواني والمعدني . وأشارت إلى أسعار السلع ووسائل النقل والمواصلات والنقود ، والضرائب . واهتمت المصادر بالحياة الاجتماعية ، فبيّنت أن المجتمع الهندي تألف من عدة طبقات ، أبرزها البراهمة والكشترية والبيشية والشودرية ، وساد التمييز والاضطهاد العنصري بينها. وتحدثت عن عادات الهنود في الزواج ، ومكانة المرأة الهندية والتي استشيرت في أمور متعددة، ونبهت إلى عادات الهنود في الطعام والملابس ، فهم يحرمون لحوم الأبقار ، ولا يأكلون الحنطة . وطعامهم الرئيس هو الأرز ، ويرتدي عامتهم السراويل القطنية. وانفرد البيروني بذكر أعياد الهنود الكثيرة ،و بعض الأيام المعظمة و السعيدة . كما انفرد المسعودي بالحديث عن وسائل التسلية والترفيه الهندية ، وأهمها النرد والشطرنج . وقدمت الدراسة معلومات هامة عن الحياة الفكرية في بلاد الهند ، فأشار المسعودي إلى وجود أكثر من لغة ، وانضم إليه البيروني في ذكر أدوات الكتابة . وأبرزت المصادر نبوغ الهنود في مختلف العلوم ، ومنها الطب فقدم اليعقوبي والطبري والمسعودي معلومات هامة ، أفادت أن الهنود قد ألَّفوا فيه الكثير من الكتب ، وُنقِلَ بعضها إلى العربية . وذكرت بعض الأدوية والعلاجات الهندية. وبيّن اليعقوبي والمسعودي والبيروني تقدم علم الفلك ، فأشاروا إلى الكثير من المعلومات الفلكية . وأوردوا أرقام الحساب الهندي ، ووحدات قياس المسافات والأبعاد. وأشارت الدراسة إلى الآداب والفنون والفلسفة والحكمة ، وكتب الخرافات والأسمار. وأورد البلاذري واليعقوبي والطبري والمسعودي معلومات قيّمة عن الحياة الدينية في الهند، فذكروا اعتقادهم في الله سبحانه وتعالى ، وفكرتهم عن بدء الخليقة ، واعتقادهم بأن الكواكب تدبر أمور الخلق ، وإيمانهم بتناسخ الأرواح . وأن هناك الكثير من الفرق الدينية . وذكرت الدراسة بعض بيوت العبادة ، والأماكن المقدسة . وفي مجال القضاء كان للهنود أساليبهم الخاصة في إثبات البيّنات على المتهمين ، ولديهم نظام للعقوبات على أساس طبقي. وقوانين عنيت بالمواريث وحقوق الأموات على ورثتهم . وتتبع البلاذري واليعقوبي والطبري حركة الفتح الإسلامي في الهند ، حيث كانت البداية سنة 15 ه/ 635 م ، ثم تواصلت الحملات العسكرية أيام الخلافة الأموية ، وأشاروا إلى دعوة الخليفة عمر بن عبد العزيز ملوك الهند إلى الإسلام ، واتخاذ بعض المتمردين على الدولة من بلاد الهند ملجأً لهم . وقد استؤنفت الفتوحات زمن العباسيين الذين استهلوا حكمهم بالقضاء على المتمردين في الهند ، كما أخضعوا الكثير من المناطق التي سبق لها وأن تمردت على الحكم الإسلامي . وتناول الطبري والمسعودي والبيروني أثر الهند في الثقافة العربية ، حيث دخل إلى اللغة العربية الكثير من الكلمات الهندية ، كما سمى بعض العرب بناتهم باسم الهند ، و ترجمت كتب هندية كثيرة إلى العربية ، إضافة إلى ذلك فقد كان لبعض الموالي من الهنود ، دور كبير في الحياة السياسية والعلمية والدينية والأدبية في الدولة العربية الإسلامية.