Discussion Committee:
أ.د. يحيى جبر/مشرفا رئيسا
د. زاهر حنني/ ممتحنا خارجيا
د. نادر قاسم/ممتحنا داخليا
Supervisors:
أ.د. يحيى جبر/مشرفا رئيسا
Authors:
نمر عبد الرحمن محمد عدوان
Abstract:
المأثور القولي في بلدة عزون، في موسمي الحصاد والزيتون.
أتناول في بحثي ما يتردد من أقوال وأمثال وأغان وأهازيج, وقصص وحكايات وروايات, يتناقلها الناس فيما بينهم, ويرددونها على مسامع بعضهم، في موسم الحصاد بكل تبعاته، وذلك في بلدة عزون, وما لحقها من قرى, وفي النصف الأول من القرن العشرين.
ورؤية النسوة وهن يتحلقن حول أكوام قش القمح، ينتقين منه أفضله, لعمل الصواني والجون والمهفات، ويتسامرن ويتناولن أطايب الحديث عن واقع الحياة, فلا مذياع، ولا تلفاز في ذلك الوقت.
ففي الحصاد يصطف الحصادون, رجالا ونساء في مواجهة الزرع، على هيئة يعرفها الحصادون، فآمرهم يكون من جهة الزرع، يحدد مقدار ما يجب حصاده, ويسمى الشاقوق، يتحكم في الحصادين من حيث كمية الزرع الذي يُحصد، والزمن الذي يستغرقه الحصادون أثناء الحصاد, ومدة الإستراحة التي يمنحهم إياها، وفي نهاية الصف من الجهة الاخرى, يكون أقلهم نشاطا وخبرة، وعادة ما يكن النسوة على الطرف الآخر.
وأثناء الحصاد يصير الزرع على شكل غمور موزعة على وجه الارض, حتى تجف تماما.
ويأتي جمع هذه الغمور, ويسمى تغميراً لعمل حلةٍ, وهي الكومة الواحدة من قش الزرع المعدة لنقلها الى البيدرِ, على ظهور الجمال او الخيل او الحمير.
ويكون التغمير في الصباح الباكر, حيث يكون الندى ما زال يغطي الزرع, كي لا يتفتت وتتقصف سنابله, ويقع على الارض، ويذهب سدى, وعادة ما تكون النسوة هنَّ اللواتي يحملن الكتة على رؤوسهن لإيصالها إلى الحلة.
والكتة تربط بحبل يجمع الغمور إلى بعضها لتتماسك، ومن مجموع الكتات تكون الحلة، وهي الكومة الكبيرة من القش, التي تكون في الحقل, لنقلها الى البيدر، وعادة ما يكون البيدر قريبا من المنازل، وفي أحيان قليلة يتم درس الزرع في أرض الحقل نفسه، حيث يكون بيدر معد لهذه الغاية.
وفي كل مرحلة من مراحل جني المحصول، تكون أقوال وأمثال وأشعار وقصص وحكايات، تؤدي كلها غرضا واحدا، تسلية الفلاح والترويح عنه, وتخفيف عبء العمل, وتهوين التعب، فالأغاني تعبير سام يقوم به الفلاح اثناء عمله، وتنفيس عن الكد الذي يرافق العمل, فالفلاح يخاطب الآلة التي يستعملها، فهي الصديق العزيز, والخل الوفي، يخاطب المنجل, واللوح والنورج، يخاطب الدقران والمذراة والغربال والكربالة والمصرد، يخاطب الطاحونة والبيدر, يخاطب سنابل القمح وأعواده, يخاطب التبن والقصل, ويخاطب ثمار القمح وفاكهته، من فريكة وقلية وعصيدة, يخاطب البرغل والمفتول، كل هذا يخاطبه الفلاح ويتغنى به.
ولم يقتصر الفلاح في عمله على الزرع فقط, فهناك موسم آخر يحضِّر له ويستعد، إنه موسم قطاف الزيتون، هذا العرس الذي يبتهج به كل أفراد العائلة، خاصة الأطفال, لأنهم المستفيدون من هذا الموسم بصورة مباشرة، تملأ جيوبهم الحلوى والحاجات الشهية, ويشترون ما لا يقدرون على شرائه في أوقات أُخرى، لأن موسم الزيتون خيرٌ عميمٌ، يُطالُ كلَّ أفراد الشعب، وغيث كريم يعم الغني والفقير، فترى القرية خلية نحل بين غاد ورائح، وسارح ومروح، وكلهم يعملون في جني محصول الزيتون.
ولا يخلو هذا العمل من كد وتعب، وبذل جهد ونشاط, وكل هذا يحتاج إلى ترويح النفس وإعانة لها في مواجهة التعب والجهد, فهناك الأمثال والأقوال، والأغاني والأشعار, والحكايات والقصص, والنوادر والنكات والطرائف, وهذه في مجموعها تمثل الادب الشعبي الشفهي، تتناقله الأجيال، فيسلم الجيل السابق للاحق ما سمعه ووعاه وذكره، وهكذا يظل ينتقل هذا الأدب من جيل إلى آخر، فيظل حيا في عقول الناس, ورطبا على السنتهم، ومدار حديث في سمرهم ومرحهم واجتماعاتهم.
يذكرون الزيتون قبل قطافه، يذكرون الجول ويغنون له، يغنون للقيشة وهم يجمعونها للطابون، ليحصلوا على خبز يعتاشون منه. يغنون للزيتون النبالي، ويفرحون لسهولة جنيه، ويذكرون صعوبة جمع الزيتون السري، رغم حلاوة زيته وطيبته، يذكرون البد، وما يحتاجون من وقت في انتظار الدور كي يدرسوا ما عندهم من ثمار الزيتون، مع بطء عمل البد، مع كثرة ثمار الزيتون، يذكرون جرار الفخار التي يخزن فيها الزيت, وكذلك الآبار.
واشتمل البحث على معجم الكلمات العامية في الادب الشعبي, مع مقارنتها بالأدب الرسمي، من كلمات الفصحى، مستعينا على ذلك بقاموس لسان العرب، لابن منظور، بينت ما تعنيه هذه الكلمة, أو تلك، في لهجة اهالي عزون، مقارنة باللغة الفصحى.
كما اشتمل البحث على ما ذكر من خصائص فنية، في الأمثال والأغاني والأشعار في القصص والحكايات، مع ذكر عدد من الأمثلة على كل نوع من الخصائص الفنية.