الحياة الَّثقافيّة في نابلس في فترة الانتداب البريطاني

Authors: 
د. عبدالخالق عيسى
Abstract: 

 إنَّ الحديث عن مدينة نابلس بما له من خصوصيّة ، لا يختلف كثيرا عن الحديث عن أيَّة مدينة فلسطينيّة أخرى في خطوطه العامّة ، ومحاوره الأساسيّة ؛ فالظروف التي عاشتها المدينة تحت الانتداب البريطاني هي ذاتها الظروف التي عاشتها المدن الأخرى. المؤثِّرات الثقافيَّة تكاد تكون واحدة ، فالصحف ، والمجلات ، والدوريات  الثقافيّة ، والكتب العلميّة كانت تفد من مصر وسوريا ولبنان ، وتصل إلى أيدي القرّاء في نابلس، والقدس، وحيفا، ويافا، وغزّة ،وغيرها ، ومن بينها : الأهرام ، والبلاغ ، والجهاد ، والمصري ، وقد تكون بين أيدي القرّاء في اليوم ذاته الذي تُطبع فيه ، وكذلك مجلات : الهلال والمقتطف الأسبوعيّة ، ولعلّ أهم مجلّة في ذلك الوقت كانت مجلة الرسالة التي أصدرها أحمد حسن الزيات عام 1933م ، فقد تابع قرّاء فلسطين ما كان ينشر فيها من مقالات في العلم، والأدب، والسياسة ،والتاريخ ، وأسهم أعلام نابلس في نشر المقالات،والأبحاث، والنصوص الشعرية ، ومنهم قدري طوقان ، وعادل زعيتر ، وخيري حماد ، إلى جانب إسعاف النشاشيبي ، وأحمد سامح الخالدي ، وكامل السوافيري ، وعلي سرطاوي ، ونجاتي صدقي ، وحمدي الحسيني ، وحلمي الإدريسي ، ومحمد البسطامي.

ومن الشعراء إبراهيم طوقان ، وفدوى طوقان ، إلى جانب عبدالكريم الكرمي ، وعبدالرحيم محمود ، ومحمد العدناني، وغيرهم. وكان قرّاء نابلس وغيرها من المدن الفلسطينيّة يستقبلون مؤلّفات العقّاد ،والمازني، وطه حسين، وأحمد أمين، ومصطفى صادق الرافعي، وعبدالوهاب عزام، وزكي مبارك ، ويستقبلون دواوين أحمد شوقي، وحافظ إبراهيم، والعقّاد ،ومطران برغبة واهتمام شديدين.   فضلا عن ذلك فقد استقبلت الجمعيّات الثّقافية والمحافل الأدبيّة في    فلسطين  عبدالوهاب عزام ، وزكي مبارك ، ومحمد مهدي الجواهري ، وبشارة الخوري ، وخليل مطران ، وخليل مردم ، وأمين الريحاني ، والمازني ، ومعروف الرصافي ، وجورجي زيدان ، وفؤاد صرّوف ، وقسطنطين زريق ، وأقاموا لهم حفلات تكريم ، وأبّنوا أحمد شوقي سنة1932 ، والكاظمي سنة 1937. ( انظر كامل السوافيري : أعلام الشعر والأدب في الأرض المحتلّة ، ص 70، 71). ويشار إلى أنّ معظمهم كان معجبا بشعراء العصر العباسي ؛ ولهذا اتّخذ كثير منهم أسماء أدبيّة من هذا العصر ؛ فإبراهيم طوقان اتّخذ اسم العباس بن الأحنف ، ووجيه البارودي اتّخذ ديك الجن ، وحافظ جميل اسم أبي نواس ، وعمر فروخ اسم صريع الغواني (مسلم بن الوليد) . ويبدو أنّ التشابه في النّظام الاجتماعي في بيروت دفع إلى شيء مثله في الحياة الأدبيّة ( ياغي ، ص279 ). وأنشأت حكومة الانتداب إذاعة فلسطين ، وجعلت مقرّها مدينة القدس ، وقد بدأت إرسالها سنة 1936 ، واختير الشاعر إبراهيم طوقان مديرا للقسم العربي فيها ؛ يختار البرامج ، ويراجع النصوص ، ويشرف على المواد المقدّمة فيها ؛ ومن هذه الإذاعة قدّم عدد من أبناء فلسطين كلماتهم في الأدب والنقد ، والتاريخ ، وأذيعت كلمات للعقاد ، والمازني ، ومحمد كرد علي ، وغيرهم ، وأذيعت قصائد كثيرة لشعراء عرب من أقطار عربيّة عديدة.