دور نابلس في عصر الحروب الصليبيّة الهزيمة والانتصار

Authors: 
الدكتور جبر خضير البيتاوي
Abstract: 

لعبت نابلس دورا مهما في عصر الحروب الصليبيّة، فقد كانت ولا تزال رأس حربة الأحداث في فلسطين، لما تتميز به من موقع استراتيجي يتوسط المدن الفلسطينيّة من جانب، وتأثير أهلها سلما وحربا من ناحية أخرى، ولهذا اتخذها الكنعانيون العرب عاصمة لهم، وهم أول من سكن فلسطين، وقاموا ببنائها، وأول تسمية أطلقوا عليها شكيم وتعني المكان المرتفع، فكانت دائما مطمح الغزاة والفاتحين، فقد احتلها الفرس، ثم الرّومان وبقيت تحت أيديهم، حتى فتحها المسلمون، بقيادة عمرو بن العاص سنة 15 /ه 636 م. ونتيجة الخلافات والفتن بين المسلمين، والصّراع بين السّلاجقة السّنة والفاطمي الشّيعة، فقد تمكن الفرنج من احتلالها سنة 492 ه/ 1099 م بعد أن دخلوا القدس، وعملوا فيها مذابح، فقتلوا سبعين ألفا من المسلمين. ومنذ الاحتلال الصّليبي لنابلس ولفلسطين، بدأت مقاومة أهلها ضدّ الغزاة الجدد، وهذه الدّراسة تركز على مظاهر المقاومة والجهاد ضدّ الفرنج، اعتمادا على المصادر التّاريخيّة، لا سيما ما كتبه الرّحالة العرب والمسلمون، منهم أسامة بن منقذ في كتابه “الاعتبار”، وابن جبير في رحلته، وبهاء بن شدّاد في كتابه النّوادر السلطانيّة، وغيرها. ويشير البحث إلى أن الفرنج حاولوا جاهدين بسط سيطرتهم على نابلس، من خلال بناء الكنائس، ونشر العادات والتّقاليد التي تعكس من خلالها مدى الظّلم، والتّعسف الّلذين عاناه أهلها. وبعد ذلك أصبحت هذه المدينة ضمن امارة بيت المقدس اللاتينيّة، وقاموا بتحصينها لتبقى بأيديهم إلى الأبد. لكنّ بسالة أهلها كان باديا في مقاومة المحتل، فقد تحدث أسامة بن منقذ عن أساليب المقاومة التي اتبعها أهلها، وذكر كذلك محاولات المسلمين المتكررة استرجاع المدينة منهم، ثم تحدث عن هجومات متعددة ومتنوعة ضدّ الصّليبيّين، وأورد قتل كثير من الفرنج فيها. ويشير البحث إلى الخطة الاستراتيجية العسكريّة، والسياسيّة، والاقتصاديّة التي اتبعها صلاح الدّين في الانتصّار على الصّليبين وفتح القدس وفلسطين. فقد تمكّن من فتح مصر سنة 562 ه/ 1161 م، فقد استطاع صلاح الدّين الأيوبي من توحيد مصر والشّام، ثم فتح اليمن التي كان يسيطر عليها الباطنيون، وعرفت دولتهم بالدّولة الصليحيّة، وتمكن من السّيطرة على البحر الأحمر، ثم بدأت مرحلة جديدة من الصّراع بين المسلمين والفرنج. ويذكر البحث أنّ انتصار المسلمين على الصّليبي في معركة حطين سنة 583 ه/ 1187 م، جاء نتيجة لوحدة المسلمين السّياسيّة والفكريّة. كما أنّ البحث يذكر أنّ المسلمين قاموا بالهجوم على الفرنج في نابلس، قبيل فتح بيت المقدس واستولوا عليها، وعدّ ذلك مبشرا لفتح القدس، فنابلس دوما هي بوابة القدس. يتحدث البحث بعد ذلك عن فترة نابلس في العهد الأيوبي، حين حكمها الأمير حسام الدّين بن لاجين ابن أخت صلاح الدّين الأيوبي فساسها بالعدل، ونشر الأمن والطّمأنينة بين سكانها، الّذين أحبّوه لعدله ورفده.