Discussion Committee:
أ. د جمال جودة / مشرفاً ورئيساً
د.عثمان الطل / ممتحناً خارجياً
د. عدنان ملحم / ممتحناً داخلياً
Supervisors:
أ. د جمال جودة / مشرفاً ورئيساً
Authors:
نداء محمد عبد الفتاح بني نمرة
Abstract:
أبو إسحاق إبراهيم بن يحيى بن أبي حفاظ المكناسي، ولد في مكناس بالمغرب سنة (600هـ–1203م) ونشا وتلقى علومه فيها، وتنقل بين مصر والشام والعراق كثيرا، حتى استقر به الأمر في مصر، حتى وفاته في الفيوم سنة (666هـ– 1267م). وقد أغفلت كتب التراجم سيرته فلم أجد عنه إلا القليل من المعلومات في المصادر التاريخية. عرف المكناسي بتواضعه، وأخلاقه الحسنة، وتدينه وثقافته الواسعة في فنون الشعر والأدب، وقد ترعرع في بيئة علمية وتأثر وسمع من أبي الحسين محمد بن محمد بن زرقون (ت622ﮬ/ 1225م).
اتسم أسلوب المكناسي بالطابع القصصي الديني، إضافةً إلى اعتماده الطريقة النقلية في جمع مادة كتابه عمن سبقه من الكتاب في هذا المجال، فقد أخذ من كتاب (فضائل بيت المقدس) لأبي بكر محمد بن احمد الواسطي (ت في القرن الخامس هجري)، ونقل عن كتاب (فضائل بيت المقدس) لأبي المعالي المشرف بن المرجا المقدسي (ت 492هـ- 1098م) وعن كتاب (فضائل الشام) و(فضل دمشق) لأبي الحسن على بن محمد بن صافي بن شجاع المعروف بابن أبي الهول الربعي المتوفي سنة (444هـ - 1052م) وكتاب (فضائل الشام) لأبي سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني المتوفي سنة (562هـ- 1166م)، كما انتهج طريقة الاختصار في تقديم مادته، وحذف الأسانيد في الأحاديث النبوية، وكذلك في الأخبار التي أوردها، وبالرغم من ذلك فإنَّ بعد الروايات قد تجاوزت عدة صفحات، إضافةً إلى اهتمامه بالروايات الخيالية والخرافية (الإسرائيليات) التي هدفت إلى ترهيب مرتكبي الذنوب في الأماكن المقدسة.
استشهد المكناسي بـ40 آية قرآنية، مئة وخمس وسبعون حديثا، أشار خلالها إلى المكانة الرفيعة التي تميزت بها بيت المقدس والشام عند الله تعالى، ولإيقاظ الشعور الديني عند المسلمين للدفاع عن المقدسات الإسلامية، والحرص على زيارتها، والإكثار من الأعمال الصالحة فيها.
تبرز أهمية الكتاب في احتوائِهِ على مادة دينية كبيرة، ويظهر ذلك من خلال الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية المتعلقة ببيت المقدس والشام وفضلهما، وأنواع العبادات التي تستوجب ممارستها فيهما، وعرضِه الروايات التي يقصد بها اجتذاب الزوار إلى بيت المقدس والشام، وأهمية الإقامة فيهما والرباط، وقيمة الصلاة والصيام والزكاة وفعل الخير فيهما، والرعاية الإلهية لبلاد الشام.
كما احتوى الكتاب وصفاً دقيقاً للمسجد الأقصى ومكانته، وذكر كثيراً من الأماكن التي يحبذ زيارتها مثل السلسلة وقبة الصخرة وغيرها، كما اشتمل على معلومات عن قبور الأنبياء وقبور عامة المسلمين، خاصة في الأرض المقدسة.
إن إقبال المؤرخين في مختلف أنحاء العالم الإسلامي على وضع مؤلفات خاصة ببيت المقدس وبلاد الشام يؤكد على مكانتهما الخاصة في تاريخ البشرية، لأنهما من أقدم بقاع العالم، كما أنهما مهوى أفئدة أكثر من نصف سكان العالم؛ لالتقاء الديانات السماوية الثلاث على أرضهما، فأضحتا من أقدس بقاع العالم.
وكان مما دفع المكناسي وغيره من الكتّاب في مجال الفضائل للكتابة في فضائل بلاد الشام وبيت المقدس، حث النبي () على فتح الشام، والترغيب في سكناها ونشر الدين فيها، ولتشويق الناس إلى زيارتها والدفاع عنها أمام الهجمات الصليبية.
وأما الناحية السياسية فتظهر في نصوص الكتاب عندما تناول المكناسي الخلافات والصراعات بين بني أمية وشيعة علي بن أبي طالب على لسان كعب الأحبار الذي وردت عنه أخبار كثيرة في فضائل القدس والشام، وهي من تراث اليهود، ومنهم أيضا وهب بن منبه الذي حدّث بأخبار الأنبياء وأحاديث بني إسرائيل.
قسّم المكناسي الكتاب جزئين، الجزء الأول: تناول فيه فضل بيت المقدس واشتمل على مواضيع عدة منها اشتقاق اسم بيت المقدس، وقيمة الصلاة وترغيب السّكنى فيه وبناء المسجد الأقصى وفتح بيت المقدس، وفضل مؤذني بيت المقدس وغيره، ويبدو من ذلك أنه أعطى صورة شاملة لبيت المقدس فقد جمع بين الأهمية الدينية والتاريخية.
أما الجزء الثاني: فتناول فيه حدود الشام، ولماذا سميت بهذا الاسم، والترغيب في سكناها، وأن الشام هي أرض المحشر، كما ذكر فتح دمشق وفضل الأماكن والمدن من الناحية الدينية والفضل الذي يحصل عليه الزائر من زيارته له.
أراد المكناسي من خلال ما سبق توجيه أنظار المسلمين إلى أهمية زيارة بيت المقدس وبلاد الشام واعتبار ذلك شكلا من أشكال الحج، فقد حدد مناسك الزيارة، ووصف الأماكن الدينية وفضلها، فيكون بذلك قد وضع كشافاً جغرافياً وتاريخياً لزائري بلاد الشام.