القدرة التنافسية للصناعات الغذائية الفلسطينية وآفاق تطورها

Year: 
2005
Discussion Committee: 
د. سليمان عبادي - رئيساً
د. نور أبو الرب - داخلياً
د. عمر أبو عيده - خارجياً
Supervisors: 
د. سليمان عبادي
Authors: 
لؤي صادق الحاج مصطفى
Abstract: 
يعتبر موضوع القدرة التنافسية من أهم المواضيع التي تشغل اهتمام الاقتصاديين والسياسيين ورجال الأعمال، وهي محط أنظار الكثير من الباحثين في المجالات المتعددة منها الاقتصاد والإدارة والإحصاء والقانون والسياسة والصناعة والهندسة وغيرها. في الفصل الأول من هذا البحث استعرضت معظم النظريات التي وضعت المفاهيم والمقترحات بهذا الخصوص والتي يمكن التعرف عليها من خلال الإمعان بالنقطتين التاليتين:- الأولى:- يتم قياس القدرة التنافسية لاقتصاد ما أو لصناعة أو لسلعة معينة أو لشركة أو لقطاع ما من خلال قياس الأداء التنافسي لأي منها ومن ثم يتم مقارنته مع الأداء التنافسي للجهة موضوع المقارنة، وبعدها يمكننا الحكم على مدى امتلاك النشاطات السابقة للقدرة التنافسية وتصنيفها بالقوية أو الضعيفة أو المتوسطة. ويمكن قياس الأداء التنافسي للأنشطة المتعددة من خلال حساب مقاييس الأداء التنافسي وهي مقياس المزايا النسبية الظاهرة RCA ومقياس الرقم القياسي لصافي الصادرات NEI ومقياس الرقم القياسي للقيمة المضافة V.A. Iومقياس التكاليف النسبية ومقياس الإنتاجية ومقياس معدل الربحية. وتعتبر هذه المقاييس أهم المعايير التي يمكن استخدامها لحساب الأداء التنافسي بالإضافة إلى بعض المقاييس التي يستوجب وضع النشاط موضع البحث استخدامها مثل مقياس الاستثمار الأجنبي. ويعتبر حساب أي من هذه المقاييس هو دلالة على الأداء التنافسي للنشاط موضوع البحث, وبالتالي الحكم على مستوى امتلاكه للقدرة التنافسية أمام النشاطات الشبيهة. الثانية:- إن الاستدلال على امتلاك النشاط للقدرة التنافسية من خلال قياس أدائه التنافسي هو عملية مهمة، ولكن الأهم من ذلك هو البحث في الأسباب التي عملت على إحداث هذه القدرة التنافسية في نشاط ما وعدم إحداثها في نشاطات أخرى. ويتطلب ذلك البحث في الإمكانيات والجهود التنافسية لهذا النشاط. وقد عمل الاقتصادي Porter على وضع نظريته الخاصة بهذا الخصوص التي تعرف "بماسية Porter" والتي تتحدث عن جميع التفاعلات في البيئة التي تعمل بها الصناعة أو أي نشاط إنتاجي معين أو الاقتصاد ككل. وقد تحدث Porter في ماسيته عن أربعة عوامل مهمة هي: أوضاع عوامل الإنتاج، وأوضاع الطلب، وهيكلية السوق، والصناعات الداعمة والمكملة، بالإضافة إلى عاملين إضافيين هما الصدفة ودور الحكومة. وتعمل جميع هذه العوامل بكافة فروعها الجزئية بآلية معقدة من التشابكات تعرف بالعناقيد الصناعية. والأساس الذي تقوم عليه هذه التشابكات هي المنافسة عند الاقتصادي Porter. حيث تبرز مواطن القوة والضعف بين جميع الأنشطة من جهة، والنشاط موضوع البحث من جهة أخرى. وبالتالي يسهل علينا التعرف على الأسباب التي جعلت هذا النشاط يمتلك قدرة تنافسية, والأسباب التي حالت دون امتلاك النشاطات الأخرى لمثل هذه القدرة. وعليه فإن البحث في الإمكانيات والجهود التنافسية حسب مقترحات Porterأزال الكثير من الغموض الذي يفسر نجاح شركات وفشل شركات أخرى. ورغم بعض الانتقادات التي وجهت لمقترحات بورتر إلا أنها تبقى مرجعية يمكن الاعتماد عليها لمثل هذه الدراسات. للتوسع في البحث في الإمكانيات والجهود التنافسية فقد بينت طريقة أخرى منهجية للتحليل مغايرة لما تقدم به بورتر وتسمى طريقة "المناطق الصناعية". وتقوم هذه الطريقة على تفسير التمركز المكاني للصناعة، وأسباب حدوث شبكة من العلاقات في البيئة التي تعمل بها هذه الصناعة التي تتمثل في العلاقات الاجتماعية والاقتصادية الخدماتية والسياسية والقانونية والإدارية وغيرها من العلاقات الأخرى. ففي ظل هذا التشابك تتمركز الصناعة في موقع جغرافي معين يقوم على أساس التعاون يتبعه خلق روح المنافسة بين هذه الصناعات. ويقوم التعاون على أسس تفترضها هذه الطريقة من أهمها تقليل التكاليف من خلال الاشتراك في الحصول على المواد الخام مع صناعات أخرى, ومشاركة هذه الصناعات في استخدام التكنولوجيا، والاستفادة من خدمات البنية التحتية والتدريب المشترك للعمال. بناءا على ما تقدم، تنشأ الصناعة التي ستمتلك القدرة التنافسية. وتفترض هذه الطريقة إن التعاون في هذه المناطق لا يلغي إطلاقا روح المنافسة، حيث أن طبيعة هذه التشابكات-والتي تشكل بمجموعها العنقود الصناعي لهذه الصناعة- ستتنافس فيما بينها من اجل تقديم كل ما هو أفضل للمنتجين. وستتنافس الصناعات في تقديم كل ما هو أفضل للمستهلكين. وبدراسة هذه الطريقة يمكن الاستدلال على الإمكانيات والجهود التنافسية للصناعة، وذلك من خلال الكفاءة التي تعمل بها مكونات العنقود الصناعي في هذه المنطقة، وتأثيرات ذلك على الصناعة قيد البحث. وقد لقيت هذه الطريقة قبولا عند العديدين الاقتصاديين والمهندسين والإداريين وغيرهم من أصحاب الاختصاص في المجالات الأخرى المتعددة. وبدراسة مقاييس ألأداء التنافسي وطريقة بورتر وطريقة المناطق الصناعية بالإضافة إلى دراستيْ الحالة وهما دراسة القدرة التنافسية لمنتجات الحليب في ايرلندا والقدرة التنافسية لصناعة الباستا في إيطاليا ومدى تطابق الإطار النظري السابق على هاتين الحالتين, أنهيت الفصل الأول من هذا البحث. أما في الفصل الثاني فقد قمنا باستعراض واقع الاقتصاد الفلسطيني، حيث تم إلقاء نظرة عامة على هيكلية وأداء هذا الاقتصاد، وعلى القطاع الخاص والقطاع الصناعي بنظرة خاصة، هذا بالإضافة إلى دراسة واقع الصناعات الغذائية بالتفصيل. وقد تبين أن الاقتصاد الفلسطيني، ورغم تحريره من بعض القيود التي كانت تفرضها عليه إسرائيل، مازال حبيسا للاقتصاد الإسرائيلي وعرضة إلى ابسط المتغيرات السياسية مما أدى إلى إحداث خلل بنيوي في هيكليته وانعكاس ذلك على أدائه. فيما يخص القطاع الصناعي وجدنا أن هذا القطاع بدأ يأخذ موقعه كقطاع ريادي في الاقتصاد الفلسطيني وذلك بدلالة كثير من المؤشرات أهمها زيادة عدد المنشآت العاملة فيه، والنمو المتزايد في حجم استثماراته، و زيادة مساهمة هذا القطاع بحجم الصادرات الفلسطينية، هذا بالإضافة إلى زيادة مساهمة هذا القطاع في رفع نسبة التشغيل للعمالة الفلسطينية. وأخيرا برزت أهمية هذا القطاع بشكل كبير في إسهامه في إحلال بعض الواردات الفلسطينية. ولكن رغم ما تقدم، فإن هذا القطاع مازال يعاني الكثير من المشاكل وأهمها أن هذا القطاع سريع التأثر بالمتغيرات السياسية السلبية. ويمكن أن يكون سبب ذلك هو ارتباط هذا القطاع بطرق مباشرة وغير مباشرة بالاقتصاد الإسرائيلي, وغياب التعامل بعملة وطنية. ويعاني هذا القطاع من النقص المستمر في المواد الخام اللازمة للتصنيع وذلك لأسباب عدة تم التطرق إليها في هذا البحث. إن عدم توفر العمالة الماهرة تشكل أهم مشاكل هذا القطاع، وهذا بالضرورة يؤدي إلى انخفاض الإنتاجية لهؤلاء العمال وانعكاس ذلك على إنتاجية هذا القطاع. ويعاني هذا القطاع أيضا من ضعف في عملياته التسويقية للسلع التي ينتجها وذلك على الصعيدين الوطني والدولي. بالإضافة إلى ذلك تبرز ظاهرة التقليدية في كثير من الصناعات في هذا القطاع مما يعني عدم استخدام التكنولوجيا المتطورة والذي بدوره عمل على إبطاء نموه وتطويره. وهناك العديد من المشاكل التي تم التعرف عليها وأخرى لم يتم التعرف عليها. أما بخصوص الصناعات الغذائية فقد تم دراسة مراحل تطور تلك الصناعات حيث برز اثر الاحتلال على ذلك سلبا بالقدر التي أثرت به السلطة الوطنية الفلسطينية إيجابا بعد قدومها إلى ارض الوطن في أواخر العام 1994. وقد تبين أن هذه الصناعات هي واحدة من أكثر وأسرع القطاعات الاقتصادية نموا، تحديدا في العقد الأخير من القرن الماضي، حيث لوحظ ارتفاع عدد المنشآت وعدد العاملين فيها، وزيادة الحصة السوقية لمنتجاتها في السوق المحلي. وقد تمت دراسة أهمية تلك الصناعات من حيث تأثيرها على سلة مشتريات العائلة الفلسطينية وكبر حجم الاستثمارات فيها نسبيا، هذا بالإضافة لاستيعابها لعدد لا بأس به من العمال الفلسطينيين. وفي هذا السياق أيضا تمت مناقشة خصائص هذه الصناعات ولوحظ أن معظم ملكية هذه المصانع ذات طابع فردي وخاص وطبيعة العمل فيها متوارثة. وبخصوص حجم التوظيف في هذه المصانع فهو دون المستوى المطلوب، مما يدل على صغر حجم هذه المصانع. ومن أهم ما برز في هذه الخصائص هي اعتماد هذه الصناعات على المواد الخام الأجنبية والإسرائيلية، وكذلك افتقار تلك المصانع في الغالب من المهندسين والمتخصصين والمختبرات الخاصة بالفحص الغذائي والأجهزة الخاصة بمراقبة الجودة والنظم الإدارية والتصنيعية المتطورة. وفيما يخص المنشآت العاملة في هذه الصناعات فقد تبين إنها تتركز في محافظات نابلس ورام الله والخليل. وقد تمت دراسة إعداد تلك المنشآت وحجم التوظيف فيه والشكل القانوني لها. أما بخصوص مكونات ولوازم التصنيع الغذائي تطرق البحث إلى دراسة المواد الخام من حيث أهميتها في عملية التصنيع وجودتها ومصدرها. هذا بالإضافة إلى دراسة طبيعة الآلات الإنتاجية المستخدمة في هذه الصناعات، وتبين أن معظم تلك الآلات قد تم شراؤها مستعملة من إسرائيل أو تم تجديدها هناك. وهناك عدد قليل تم استيراده من الخارج. وبخصوص دراسة المكون الثالث من مكونات ولوازم التصنيع لهذه الصناعات (وهو عملية التعبئة والتغليف) فقد تبين أن هذه الصناعات مازالت في مراحلها الأولى، ولكنها تواجه مشاكل مثل عدم التمويل، وعدم تطور الصناعات الأخرى مثل صناعة الزجاج والبلاستيك، وعدم توفر آلية للسيطرة على نظام الجودة في جميع صناعات القطاع الصناعي. واعتبر العمل (المكون الرابع) أحد أهم لوازم عملية التصنيع الغذائي حيث تبين من دراسة هذا العنصر أن صناعة الأغذية تعاني من نقص الاختصاصيين والمهرة وتحديدا الفنيين والمشرفين على خطوط الإنتاج.وفيما يخص المكون الخامس وهو مواصفات ومعايير الجودة فقد تبين من دراسة العديد من مصانع الصناعات الغذائية وتحديدا ذات الحجم الكبير والمتوسط أنها تعمل جاهدة على تطبيق تلك الأنظمة، وهناك بعضا منها حاز على شهادات في هذا الخصوص. أما فيما يخص دراسة عملية البحث والتطوير باعتبارها المكون السادس من مكونات الصناعة الغذائية لوحظ ضعف في هذا المجال مع الأخذ بعين الاعتبار أن ذلك مرتبط بحجم المصنع، وقد تبين أن المصانع ذات الحجم الكبير والمتوسط تعمل في هذا السياق أكثر من تلك الصغيرة الحجم رغم قلة أعداد الأولى. وعند دراسة القيمة المضافة وحجم الإنتاج لهذه الصناعات وجدت أنها تقع في المرتبة الأولى من ناحية إجمالي القيمة المضافة وحجم الإنتاج الإجمالي وإجمالي التكوين الرأسمالي الثابت في مجموع ترتيبات الصناعات التحويلية. وبحثت أيضا العنقود الصناعي لهذه الصناعات من حيث طبيعة تشكيله وأهميته ودوره في تطويرها. وتبين أن طبيعة هذا العنقود تتكون من سبعة مكونات تتفاعل فيما بينها من اجل النهوض والارتقاء بهذه الصناعات مجتمعة. وقد برزت أهمية هذا العنقود بالتزامن مع التطور النسبي لهذه الصناعات وزيادة حصتها السوقية في السوق المحلي. وبهذا الخصوص رسمنا خريطة لهذا العنقود تبين دور كل مكون له وذلك بشكل متوافق مع ذلك الذي اقترحه Porter، وقد قمنا بدراسة دور تلك المكونات ميدانيا وذلك من اجل الحكم على مدى مساهمة كل مكون في رفع القدرة التنافسية لهذه الصناعات، هذا بالإضافة إلى دور العنقود ككل. تطرق البحث إلى دراسة دور المؤسسات الرسمية وشبه الرسمية ذات العلاقة بقطاع الصناعات الغذائية وتم التركيز على دراسة دور وأهمية هيئة الصناعات الغذائية على غرار دور وأهمية مجلس الألبان الايرلندي ((IDB الذي تناوله البحث في الفصل الأول، وبهذا الشأن فقد تمت دراسة الخدمات التي تقدمها الهيئة لأعضائها وكذلك التعرف على نشاطات وإنجازات الهيئة حيث لوحظ الدور الإيجابي الذي ساهمت فيه في عملية تطوير وإنماء هذه الصناعات. وأخيرا تناول البحث موضوع الطلب على منتجات الصناعات الغذائية بشقيه المحلي والخارجي. ولوحظ أن هناك تزايدا مستمرا في حجم الطلب على منتجات هذه الصناعة في السوق المحلي مع الأخذ بعين الاعتبار أن بعض الدراسات أبرزت أن هذا الطلب مرتبطا بشريحة معينة من المستهلكين الفلسطينيين والمتمثلة في طلاب المدارس الحكومية، وأولئك الذين لا يوجد عندهم وعي للماركات العالمية للمنتجات الشبيهة بالمصنعة محليا، وأصحاب الدخل المحدود. وفي هذا السياق لعبت السلطة الوطنية الفلسطينية دورا إيجابيا نوعا ما في زيادة حجم الطلب في السوق المحلي وذلك من خلال تطبيقها لبعض السياسات المالية والتجارية التي لم ترق إلى مستوى طموح منتجي الصناعات الغذائية. وفيما يخص الطلب الخارجي على منتجات الصناعات الغذائية مازال هذا الطلب ضعيف وأقل بكثير من صادرات بعض الصناعات التحويلية، وقد بينت بعض الدراسات أن عملية الترويج لم ترق إلى المستوى المطلوب في الخارج والداخل لهذه المنتجات. وفي الفصل الثالث تم قياس الأداء التنافسي للصناعات الغذائية الفلسطينية ومقارنتها بالأداء التنافسي لجميع أنشطة الصناعات التحويلية وذلك بالاعتماد على المقاييس التي يمكن تطبيقها على الحالة الفلسطينية من ناحية وفرة بعض البيانات, وتبين أن الصناعات الغذائية الفلسطينية هي صناعات تمتلك القدرة التنافسية بمستوى بين المتوسط والمرتفع بالمقارنة مع الصناعات التحويلية الأخرى، وهذه الصناعات الغذائية تتميز بارتفاع قيمة بعض المقاييس مثل مقياس RCA ومقياس القيمة المضافة، ومقياس معدل الربحية. ولكن تتوسط قيم المقاييس الأخرى قيم نفس المقاييس للصناعات التحويلية، وهذه المقاييس هي مقياس الإنتاجية ومقياس التكاليف النسبية. أما بخصوص التعرف على أسباب الارتفاع المتوسط لهذه القدرة فقد تمت دراسة الإمكانيات والجهود التنافسية للصناعات الغذائية حسبما جاءت به النظرية الاقتصادية بشكل مفصل، وقد تبين أن دور عوامل الإنتاج تساهم بشكل متوسط في رفع القدرة التنافسية لهذه الصناعات حيث لاحظنا أن بعض هذه العوامل كان له المساهمة القوية، ولكن العوامل الأخرى كانت مساهمتها ضعيفة. وبخصوص أوضاع الطلب فأن هذا العامل بحد ذاته هو الذي وضع منتجي هذه الصناعات تحت طائلة الضغوط التنافسية مما دفعهم إلى تحسين وتطوير منتجاتهم، ويجب علينا التسليم بأن هذه الأوضاع هي أحدى المكونات الرئيسية في ماسية بورتر المطبقة على الصناعات الغذائية الفلسطينية. أما تحليل الإمكانيات والجهود التنافسية عن طريق تحليل الإستراتيجية التنافسية للشركة وطبيعة هيكليتها فقد تبين لنا أن دور هذه الإستراتيجية كان قويا وذلك من خلال تبني الشركات الكبرى العاملة في هذه الصناعات لاستراتيجيات تنافسية أدت بالنهاية إلى رفع القدرة التنافسية لمنتجاتهم وصناعاتهم. ويمكن تصنيف دور هذه الإستراتيجية بالقوي جدا. أما بخصوص طبيعة هيكلية الشركة، لاحظت أن دور هذه الهيكلية كان إيجابيا في الشركات الكبرى وسلبيا في الشركات الصغرى نتيجة إتباع أساليب إدارية واستراتيجية تصنيعية تقليدية في تلك الشركات. وعند تحليل العامل الرابع من أجزاء هذه الماسية وهو دور الصناعات الداعمة والمكملة تبين أن علاقة الصناعات الغذائية بهذه الصناعات ساهمت إيجابيا والبعض الآخر لم يظهر له الدور المؤثر رغم ارتباط الصناعات الغذائية أماميا وخلفيا وتكاملها الأفقي والعمودي مع الكثير من هذه الصناعات. وفيما يخص عامل الصدفة كعامل ثانوي فقد تبين أن هذا العامل لم يكن له أي مدلولات إيجابية على رفع القدرة التنافسية سوى تلك التي عملت على ارتفاع الطلب المحلي من خلال كثرة النداءات بالمقاطعة للسلع الإسرائيلية وبعض السلع الغذائية الأخرى وكذلك صعوبة وصول سلع المنتجات الغذائية المستوردة بسبب الظروف الأمنية الراهنة. وأخيرا تبين أن دور السلطة الوطنية الفلسطينية لم يكن إيجابيا من وجهة نظر المنتجين رغم اعتراف بعضهم بان صناعاتهم رفعت من مركزها التنافسي بعد تولى هذه السلطة زمام الأمور في ارض الوطن. لقد كان لدراسة طريقة المناطق الصناعية أهمية خاصة في تحليل الإمكانيات والجهود التنافسية للصناعات الغذائية، فمن خلال تطبيق المقترحات النظرية لهذه الطريقة على واقع الصناعات الغذائية الفلسطينية خلصنا بنتيجة مفادها أن هذه الصناعات لا تتطلب تمركزا مكانيا معينا، ويمكن أن يكون مرد ذلك إلى صغر مساحة الوطن جغرافيا، وان طبيعة هذه الصناعات -أيا كانت- لا تتطلب هذا التمركز بمفهومه الواسع رغم أن التحليل الإحصائي بين ارتفاع القدرة التنافسية للصناعات الغذائية التي تقع في المناطق الصناعية. وفي طريقة إضافية لتحليل الإمكانيات والجهود التنافسية للصناعات الغذائية الفلسطينية قمت ببناء نموذج إحصائي وهو تقدير معادلتي انحدار؛ تخص الأولى منهما جانب المنتجين والأخرى جانب المستهلكين. وقد أجريت اختبارا لفرضيات على بعض المتغيرات التي رأينا أنها تؤثر فعلا في عملية رفع القدرة التنافسية للصناعات الغذائية، وخلصنا إلى نتائج مفادها أن كثير من المتغيرات التي وضعناها هي فعلا تؤثر في رفع هذه القدرة. وأخيرا قمت بوضع النتائج التي خلصنا إليها من هذا البحث، ومن ثم وجهت توصياتي إلى الجهات المعنية للعمل على حل كثير من المشاكل التي تم اكتشافها من خلال تلك النتائج.يعتبر موضوع القدرة التنافسية من أهم المواضيع التي تشغل اهتمام الاقتصاديين والسياسيين ورجال الأعمال، وهي محط أنظار الكثير من الباحثين في المجالات المتعددة منها الاقتصاد والإدارة والإحصاء والقانون والسياسة والصناعة والهندسة وغيرها. في الفصل الأول من هذا البحث استعرضت معظم النظريات التي وضعت المفاهيم والمقترحات بهذا الخصوص والتي يمكن التعرف عليها من خلال الإمعان بالنقطتين التاليتين:- الأولى:- يتم قياس القدرة التنافسية لاقتصاد ما أو لصناعة أو لسلعة معينة أو لشركة أو لقطاع ما من خلال قياس الأداء التنافسي لأي منها ومن ثم يتم مقارنته مع الأداء التنافسي للجهة موضوع المقارنة، وبعدها يمكننا الحكم على مدى امتلاك النشاطات السابقة للقدرة التنافسية وتصنيفها بالقوية أو الضعيفة أو المتوسطة. ويمكن قياس الأداء التنافسي للأنشطة المتعددة من خلال حساب مقاييس الأداء التنافسي وهي مقياس المزايا النسبية الظاهرة RCA ومقياس الرقم القياسي لصافي الصادرات NEI ومقياس الرقم القياسي للقيمة المضافة V.A. Iومقياس التكاليف النسبية ومقياس الإنتاجية ومقياس معدل الربحية. وتعتبر هذه المقاييس أهم المعايير التي يمكن استخدامها لحساب الأداء التنافسي بالإضافة إلى بعض المقاييس التي يستوجب وضع النشاط موضع البحث استخدامها مثل مقياس الاستثمار الأجنبي. ويعتبر حساب أي من هذه المقاييس هو دلالة على الأداء التنافسي للنشاط موضوع البحث, وبالتالي الحكم على مستوى امتلاكه للقدرة التنافسية أمام النشاطات الشبيهة. الثانية:- إن الاستدلال على امتلاك النشاط للقدرة التنافسية من خلال قياس أدائه التنافسي هو عملية مهمة، ولكن الأهم من ذلك هو البحث في الأسباب التي عملت على إحداث هذه القدرة التنافسية في نشاط ما وعدم إحداثها في نشاطات أخرى. ويتطلب ذلك البحث في الإمكانيات والجهود التنافسية لهذا النشاط. وقد عمل الاقتصادي Porter على وضع نظريته الخاصة بهذا الخصوص التي تعرف "بماسية Porter" والتي تتحدث عن جميع التفاعلات في البيئة التي تعمل بها الصناعة أو أي نشاط إنتاجي معين أو الاقتصاد ككل. وقد تحدث Porter في ماسيته عن أربعة عوامل مهمة هي: أوضاع عوامل الإنتاج، وأوضاع الطلب، وهيكلية السوق، والصناعات الداعمة والمكملة، بالإضافة إلى عاملين إضافيين هما الصدفة ودور الحكومة. وتعمل جميع هذه العوامل بكافة فروعها الجزئية بآلية معقدة من التشابكات تعرف بالعناقيد الصناعية. والأساس الذي تقوم عليه هذه التشابكات هي المنافسة عند الاقتصادي Porter. حيث تبرز مواطن القوة والضعف بين جميع الأنشطة من جهة، والنشاط موضوع البحث من جهة أخرى. وبالتالي يسهل علينا التعرف على الأسباب التي جعلت هذا النشاط يمتلك قدرة تنافسية, والأسباب التي حالت دون امتلاك النشاطات الأخرى لمثل هذه القدرة. وعليه فإن البحث في الإمكانيات والجهود التنافسية حسب مقترحات Porterأزال الكثير من الغموض الذي يفسر نجاح شركات وفشل شركات أخرى. ورغم بعض الانتقادات التي وجهت لمقترحات بورتر إلا أنها تبقى مرجعية يمكن الاعتماد عليها لمثل هذه الدراسات. للتوسع في البحث في الإمكانيات والجهود التنافسية فقد بينت طريقة أخرى منهجية للتحليل مغايرة لما تقدم به بورتر وتسمى طريقة "المناطق الصناعية". وتقوم هذه الطريقة على تفسير التمركز المكاني للصناعة، وأسباب حدوث شبكة من العلاقات في البيئة التي تعمل بها هذه الصناعة التي تتمثل في العلاقات الاجتماعية والاقتصادية الخدماتية والسياسية والقانونية والإدارية وغيرها من العلاقات الأخرى. ففي ظل هذا التشابك تتمركز الصناعة في موقع جغرافي معين يقوم على أساس التعاون يتبعه خلق روح المنافسة بين هذه الصناعات. ويقوم التعاون على أسس تفترضها هذه الطريقة من أهمها تقليل التكاليف من خلال الاشتراك في الحصول على المواد الخام مع صناعات أخرى, ومشاركة هذه الصناعات في استخدام التكنولوجيا، والاستفادة من خدمات البنية التحتية والتدريب المشترك للعمال. بناءا على ما تقدم، تنشأ الصناعة التي ستمتلك القدرة التنافسية. وتفترض هذه الطريقة إن التعاون في هذه المناطق لا يلغي إطلاقا روح المنافسة، حيث أن طبيعة هذه التشابكات-والتي تشكل بمجموعها العنقود الصناعي لهذه الصناعة- ستتنافس فيما بينها من اجل تقديم كل ما هو أفضل للمنتجين. وستتنافس الصناعات في تقديم كل ماهو أفضل للمستهلكين. وبدراسة هذه الطريقة يمكن الاستدلال على الإمكانيات والجهود التنافسية للصناعة، وذلك من خلال الكفاءة التي تعمل بها مكونات العنقود الصناعي في هذه المنطقة، وتأثيرات ذلك على الصناعة قيد البحث. وقد لقيت هذه الطريقة قبولا عند العديدين الاقتصاديين والمهندسين والإداريين وغيرهم من أصحاب الاختصاص في المجالات الأخرى المتعددة. وبدراسة مقاييس ألأداء التنافسي وطريقة بورتر وطريقة المناطق الصناعية بالإضافة إلى دراستيْ الحالة وهما دراسة القدرة التنافسية لمنتجات الحليب في ايرلندا والقدرة التنافسية لصناعة الباستا في إيطاليا ومدى تطابق الإطار النظري السابق على هاتين الحالتين, أنهيت الفصل الأول من هذا البحث. أما في الفصل الثاني فقد قمنا باستعراض واقع الاقتصاد الفلسطيني، حيث تم إلقاء نظرة عامة على هيكلية وأداء هذا الاقتصاد، وعلى القطاع الخاص والقطاع الصناعي بنظرة خاصة، هذا بالإضافة إلى دراسة واقع الصناعات الغذائية بالتفصيل. وقد تبين أن الاقتصاد الفلسطيني، ورغم تحريره من بعض القيود التي كانت تفرضها عليه إسرائيل، مازال حبيسا للاقتصاد الإسرائيلي وعرضة إلى ابسط المتغيرات السياسية مما أدى إلى إحداث خلل بنيوي في هيكليته وانعكاس ذلك على أدائه. فيما يخص القطاع الصناعي وجدنا أن هذا القطاع بدأ يأخذ موقعه كقطاع ريادي في الاقتصاد الفلسطيني وذلك بدلالة كثير من المؤشرات أهمها زيادة عدد المنشآت العاملة فيه، والنمو المتزايد في حجم استثماراته، و زيادة مساهمة هذا القطاع بحجم الصادرات الفلسطينية، هذا بالإضافة إلى زيادة مساهمة هذا القطاع في رفع نسبة التشغيل للعمالة الفلسطينية. وأخيرا برزت أهمية هذا القطاع بشكل كبير في إسهامه في إحلال بعض الواردات الفلسطينية. ولكن رغم ما تقدم، فإن هذا القطاع مازال يعاني الكثير من المشاكل وأهمها أن هذا القطاع سريع التأثر بالمتغيرات السياسية السلبية. ويمكن أن يكون سبب ذلك هو ارتباط هذا القطاع بطرق مباشرة وغير مباشرة بالاقتصاد الإسرائيلي, وغياب التعامل بعملة وطنية. ويعاني هذا القطاع من النقص المستمر في المواد الخام اللازمة للتصنيع وذلك لأسباب عدة تم التطرق إليها في هذا البحث. إن عدم توفر العمالة الماهرة تشكل أهم مشاكل هذا القطاع، وهذا بالضرورة يؤدي إلى انخفاض الإنتاجية لهؤلاء العمال وانعكاس ذلك على إنتاجية هذا القطاع. ويعاني هذا القطاع أيضا من ضعف في عملياته التسويقية للسلع التي ينتجها وذلك على الصعيدين الوطني والدولي. بالإضافة إلى ذلك تبرز ظاهرة التقليدية في كثير من الصناعات في هذا القطاع مما يعني عدم استخدام التكنولوجيا المتطورة والذي بدوره عمل على إبطاء نموه وتطويره. وهناك العديد من المشاكل التي تم التعرف عليها وأخرى لم يتم التعرف عليها. أما بخصوص الصناعات الغذائية فقد تم دراسة مراحل تطور تلك الصناعات حيث برز اثر الاحتلال على ذلك سلبا بالقدر التي أثرت به السلطة الوطنية الفلسطينية إيجابا بعد قدومها إلى ارض الوطن في أواخر العام 1994. وقد تبين أن هذه الصناعات هي واحدة من أكثر وأسرع القطاعات الاقتصادية نموا، تحديدا في العقد الأخير من القرن الماضي، حيث لوحظ ارتفاع عدد المنشآت وعدد العاملين فيها، وزيادة الحصة السوقية لمنتجاتها في السوق المحلي. وقد تمت دراسة أهمية تلك الصناعات من حيث تأثيرها على سلة مشتريات العائلة الفلسطينية وكبر حجم الاستثمارات فيها نسبيا، هذا بالإضافة لاستيعابها لعدد لا بأس به من العمال الفلسطينيين. وفي هذا السياق أيضا تمت مناقشة خصائص هذه الصناعات ولوحظ أن معظم ملكية هذه المصانع ذات طابع فردي وخاص وطبيعة العمل فيها متوارثة. وبخصوص حجم التوظيف في هذه المصانع فهو دون المستوى المطلوب، مما يدل على صغر حجم هذه المصانع. ومن أهم ما برز في هذه الخصائص هي اعتماد هذه الصناعات على المواد الخام الأجنبية والإسرائيلية، وكذلك افتقار تلك المصانع في الغالب من المهندسين والمتخصصين والمختبرات الخاصة بالفحص الغذائي والأجهزة الخاصة بمراقبة الجودة والنظم الإدارية والتصنيعية المتطورة. وفيما يخص المنشآت العاملة في هذه الصناعات فقد تبين إنها تتركز في محافظات نابلس ورام الله والخليل. وقد تمت دراسة إعداد تلك المنشآت وحجم التوظيف فيه والشكل القانوني لها. أما بخصوص مكونات ولوازم التصنيع الغذائي تطرق البحث إلى دراسة المواد الخام من حيث أهميتها في عملية التصنيع وجودتها ومصدرها. هذا بالإضافة إلى دراسة طبيعة الآلات الإنتاجية المستخدمة في هذه الصناعات، وتبين أن معظم تلك الآلات قد تم شراؤها مستعملة من إسرائيل أو تم تجديدها هناك. وهناك عدد قليل تم استيراده من الخارج. وبخصوص دراسة المكون الثالث من مكونات ولوازم التصنيع لهذه الصناعات (وهو عملية التعبئة والتغليف) فقد تبين أن هذه الصناعات مازالت في مراحلها الأولى، ولكنها تواجه مشاكل مثل عدم التمويل، وعدم تطور الصناعات الأخرى مثل صناعة الزجاج والبلاستيك، وعدم توفر آلية للسيطرة على نظام الجودة في جميع صناعات القطاع الصناعي. واعتبر العمل (المكون الرابع) أحد أهم لوازم عملية التصنيع الغذائي حيث تبين من دراسة هذا العنصر أن صناعة الأغذية تعاني من نقص الاختصاصيين والمهرة وتحديدا الفنيين والمشرفين على خطوط الإنتاج.وفيما يخص المكون الخامس وهو مواصفات ومعايير الجودة فقد تبين من دراسة العديد من مصانع الصناعات الغذائية وتحديدا ذات الحجم الكبير والمتوسط أنها تعمل جاهدة على تطبيق تلك الأنظمة، وهناك بعضا منها حاز على شهادات في هذا الخصوص. أما فيما يخص دراسة عملية البحث والتطوير باعتبارها المكون السادس من مكونات الصناعة الغذائية لوحظ ضعف في هذا المجال مع الأخذ بعين الاعتبار أن ذلك مرتبط بحجم المصنع، وقد تبين أن المصانع ذات الحجم الكبير والمتوسط تعمل في هذا السياق أكثر من تلك الصغيرة الحجم رغم قلة أعداد الأولى. وعند دراسة القيمة المضافة وحجم الإنتاج لهذه الصناعات وجدت أنها تقع في المرتبة الأولى من ناحية إجمالي القيمة المضافة وحجم الإنتاج الإجمالي وإجمالي التكوين الرأسمالي الثابت في مجموع ترتيبات الصناعات التحويلية. وبحثت أيضا العنقود الصناعي لهذه الصناعات من حيث طبيعة تشكيله وأهميته ودوره في تطويرها. وتبين أن طبيعة هذا العنقود تتكون من سبعة مكونات تتفاعل فيما بينها من اجل النهوض والارتقاء بهذه الصناعات مجتمعة. وقد برزت أهمية هذا العنقود بالتزامن مع التطور النسبي لهذه الصناعات وزيادة حصتها السوقية في السوق المحلي. وبهذا الخصوص رسمنا خريطة لهذا العنقود تبين دور كل مكون له وذلك بشكل متوافق مع ذلك الذي اقترحه Porter، وقد قمنا بدراسة دور تلك المكونات ميدانيا وذلك من اجل الحكم على مدى مساهمة كل مكون في رفع القدرة التنافسية لهذه الصناعات، هذا بالإضافة إلى دور العنقود ككل. تطرق البحث إلى دراسة دور المؤسسات الرسمية وشبه الرسمية ذات العلاقة بقطاع الصناعات الغذائية وتم التركيز على دراسة دور وأهمية هيئة الصناعات الغذائية على غرار دور وأهمية مجلس الألبان الايرلندي ((IDB الذي تناوله البحث في الفصل الأول، وبهذا الشأن فقد تمت دراسة الخدمات التي تقدمها الهيئة لأعضائها وكذلك التعرف على نشاطات وإنجازات الهيئة حيث لوحظ الدور الإيجابي الذي ساهمت فيه في عملية تطوير وإنماء هذه الصناعات. وأخيرا تناول البحث موضوع الطلب على منتجات الصناعات الغذائية بشقيه المحلي والخارجي. ولوحظ أن هناك تزايدا مستمرا في حجم الطلب على منتجات هذه الصناعة في السوق المحلي مع الأخذ بعين الاعتبار أن بعض الدراسات أبرزت أن هذا الطلب مرتبطا بشريحة معينة من المستهلكين الفلسطينيين والمتمثلة في طلاب المدارس الحكومية، وأولئك الذين لا يوجد عندهم وعي للماركات العالمية للمنتجات الشبيهة بالمصنعة محليا، وأصحاب الدخل المحدود. وفي هذا السياق لعبت السلطة الوطنية الفلسطينية دورا إيجابيا نوعا ما في زيادة حجم الطلب في السوق المحلي وذلك من خلال تطبيقها لبعض السياسات المالية والتجارية التي لم ترق إلى مستوى طموح منتجي الصناعات الغذائية. وفيما يخص الطلب الخارجي على منتجات الصناعات الغذائية مازال هذا الطلب ضعيف وأقل بكثير من صادرات بعض الصناعات التحويلية، وقد بينت بعض الدراسات أن عملية الترويج لم ترق إلى المستوى المطلوب في الخارج والداخل لهذه المنتجات. وفي الفصل الثالث تم قياس الأداء التنافسي للصناعات الغذائية الفلسطينية ومقارنتها بالأداء التنافسي لجميع أنشطة الصناعات التحويلية وذلك بالاعتماد على المقاييس التي يمكن تطبيقها على الحالة الفلسطينية من ناحية وفرة بعض البيانات, وتبين أن الصناعات الغذائية الفلسطينية هي صناعات تمتلك القدرة التنافسية بمستوى بين المتوسط والمرتفع بالمقارنة مع الصناعات التحويلية الأخرى، وهذه الصناعات الغذائية تتميز بارتفاع قيمة بعض المقاييس مثل مقياس RCA ومقياس القيمة المضافة، ومقياس معدل الربحية. ولكن تتوسط قيم المقاييس الأخرى قيم نفس المقاييس للصناعات التحويلية، وهذه المقاييس هي مقياس الإنتاجية ومقياس التكاليف النسبية. أما بخصوص التعرف على أسباب الارتفاع المتوسط لهذه القدرة فقد تمت دراسة الإمكانيات والجهود التنافسية للصناعات الغذائية حسبما جاءت به النظرية الاقتصادية بشكل مفصل، وقد تبين أن دور عوامل الإنتاج تساهم بشكل متوسط في رفع القدرة التنافسية لهذه الصناعات حيث لاحظنا أن بعض هذه العوامل كان له المساهمة القوية، ولكن العوامل الأخرى كانت مساهمتها ضعيفة. وبخصوص أوضاع الطلب فأن هذا العامل بحد ذاته هو الذي وضع منتجي هذه الصناعات تحت طائلة الضغوط التنافسية مما دفعهم إلى تحسين وتطوير منتجاتهم، ويجب علينا التسليم بأن هذه الأوضاع هي أحدى المكونات الرئيسية في ماسية بورتر المطبقة على الصناعات الغذائية الفلسطينية. أما تحليل الإمكانيات والجهود التنافسية عن طريق تحليل الاستراتيجية التنافسية للشركة وطبيعة هيكليتها فقد تبين لنا أن دور هذه الاستراتيجية كان قويا وذلك من خلال تبني الشركات الكبرى العاملة في هذه الصناعات لاستراتيجيات تنافسية أدت بالنهاية إلى رفع القدرة التنافسية لمنتجاتهم وصناعاتهم. ويمكن تصنيف دور هذه الاستراتيجية بالقوي جدا. أما بخصوص طبيعة هيكلية الشركة، لاحظت أن دور هذه الهيكلية كان إيجابيا في الشركات الكبرى وسلبيا في الشركات الصغرى نتيجة إتباع أساليب إدارية واستراتيجية تصنيعية تقليدية في تلك الشركات. وعند تحليل العامل الرابع من أجزاء هذه الماسية وهو دور الصناعات الداعمة والمكملة تبين أن علاقة الصناعات الغذائية بهذه الصناعات ساهمت إيجابيا والبعض الآخر لم يظهر له الدور المؤثر رغم ارتباط الصناعات الغذائية أماميا وخلفيا وتكاملها الأفقي والعمودي مع الكثير من هذه الصناعات. وفيما يخص عامل الصدفة كعامل ثانوي فقد تبين أن هذا العامل لم يكن له أي مدلولات إيجابية على رفع القدرة التنافسية سوى تلك التي عملت على ارتفاع الطلب المحلي من خلال كثرة النداءات بالمقاطعة للسلع الإسرائيلية وبعض السلع الغذائية الأخرى وكذلك صعوبة وصول سلع المنتجات الغذائية المستوردة بسبب الظروف الأمنية الراهنة. وأخيرا تبين أن دور السلطة الوطنية الفلسطينية لم يكن إيجابيا من وجهة نظر المنتجين رغم اعتراف بعضهم بان صناعاتهم رفعت من مركزها التنافسي بعد تولى هذه السلطة زمام الأمور في ارض الوطن. لقد كان لدراسة طريقة المناطق الصناعية أهمية خاصة في تحليل الإمكانيات والجهود التنافسية للصناعات الغذائية، فمن خلال تطبيق المقترحات النظرية لهذه الطريقة على واقع الصناعات الغذائية الفلسطينية خلصنا بنتيجة مفادها أن هذه الصناعات لا تتطلب تمركزا مكانيا معينا، ويمكن أن يكون مرد ذلك إلى صغر مساحة الوطن جغرافيا، وان طبيعة هذه الصناعات -أيا كانت- لا تتطلب هذا التمركز بمفهومه الواسع رغم أن التحليل الإحصائي بين ارتفاع القدرة التنافسية للصناعات الغذائية التي تقع في المناطق الصناعية. وفي طريقة إضافية لتحليل الإمكانيات والجهود التنافسية للصناعات الغذائية الفلسطينية قمت ببناء نموذج إحصائي وهو تقدير معادلتي انحدار؛ تخص الأولى منهما جانب المنتجين والأخرى جانب المستهلكين. وقد أجريت اختبارا لفرضيات على بعض المتغيرات التي رأينا أنها تؤثر فعلا في عملية رفع القدرة التنافسية للصناعات الغذائية، وخلصنا إلى نتائج مفادها أن كثير من المتغيرات التي وضعناها هي فعلا تؤثر في رفع هذه القدرة.وأخيرا قمت بوضع النتائج التي خلصنا إليها من هذا البحث، ومن ثم وجهت توصياتي إلى الجهات المعنية للعمل على حل كثير من المشاكل التي تم اكتشافها من خلال تلك النتائج.
Pages Count: 
206
الحالة: 
Published