آليّات تطبيق القانون الدوليّ الإنسانيّ /تطبيق على الحالة الفلسطينية

عانى العالم في حقباته المتعاقبة منازعات وتطاحنات أنهكت كاهل البشرية جمعاء، نظرا لما رآه الكون من تفجير لهمجية الطغاة والجبروت الذي قاد السلف والخلف الى غيابة الجب، والوحشية التي فتكت بالأنسان وحقوقه التي احتضنتها الأديان قبل أي عرف أو تقنين وضعي لها من بني البشر. ولأن الشعوب كانت ولا زالت تتوق إلى إستتباب الأمن والسلم ، وإشاعة التواد بينها ، ونتيجة للصحوة الأممية الداعية إلى نبذ العنف والتركيز على الحكمة في حل النزاعات أو على الأقل حلها بأقل الخسائر في الأنفس والممتلكات ، هذا ما دفعنا إلى الإهتمام بهذه الدراسة والتي تركز بالدرجة الأولى على القانون الدولي الإنساني وآليات تطبيقه وطنيا مع إنزال قواعد هذا القانون على حالة خاصة وهي الحالة الفلسطينية ، وبناءا على ذلك قسمنا الدراسة إلى فصلين متتاليين أوردنا في كل فصل ثلاثة مباحث ينظر الأول في مفهوم القانون الدولي الإنساني وتطوره التاريخي، أما المبحث الثاني تمركز حول خصائص القانون الدولي الإنساني ومصادره بشقيها العرفية والمعاهداتية ، وهذا يقودنا إلى المبحث الأخير في هذا الفصل والذي من خلاله قمنا بتمحيص نطاق تطبيق القانون الدولي الإنساني وتميزه عن غيره من القوانين المشابهة كقانون حقوق الإنسان و القانون الجنائي الدولي وحيث أن الهدف الذي سعت إليه الباحثة في هذه الدراسة تبلور حول معرفة آليات تطبيق القانون الدولي الإنساني وطنيا فكان لابد من الحديث في المبحث الأول عن الْانضمام إلى المعاهدات الدولية والموائمة بينها وبين التشريعات الوطنية ، أما في المبحث الثاني كان لابد من إبراز ضرورة الإلتزام بإصدار التشريعات الوطنية لترسيخ تطبيق القانون الدولي الإنساني واحترام قواعده وتحريم انتهاكها بالإضافة إلى تعزيز دور القاضي الوطني ومنحه الولاية العالمية لفرض الجزاءات المناسبة لأي خرق لهذا الدستور ألأممي بصفته حامٍ للذات البشرية ، ولأن مبادئ القانون الدولي الإنساني وتعميمها هي مساهمة متواضعة للتذكير بأن الإنسان خلق ليعيش وأن على هذه الأرض ما يستحق الحياة وأن الإنسان إذا طلب منه النجاة لنفسه فعليه أن يبدأ بالمساهمة بتوفيرها للآخرين، جعلنا نسلط الضوء على نشر القانون الدولي الإنساني في المبحث الثالث والأخير من هذه الدراسة وهذه كله مع التركيز على الحالة الفلسطينية كمثال حي على ذلك . وخلاصة ما توصلت إليه الباحثة في هذه الدراسة التي إعتمدت على المنهج التحليلي بأن القانون الدولي الأنساني واحداَ من أهم القوانين التي يجب على الدولة الألتزام بمبادئه ونشرها وإن كان هنالك مبادرات فعلية في الساحة الفلسطينية لإنفاذ ونشر قواعد القانون الدولي الانساني إلا أنها نادرة وشحيحة جدا وتحتاج الى المزيد من الجهد لتصبح هذه المبادئ جزءاً من المنظومة القانونية للدولة الفلسطينة وبها يتسنى للقضاء الوطني الولوج اليها كلما اقتضى الحال.