وسائل التطهير

الحمد لله الذي جعل العبادة غذاءً لألباب العارفين، وهدى ومنهلاً عذباً لنفوس العابدين، ودرعاً واقياً لكل من حفظها وتقرب بها، وكنزاً باقياً لكل من لزمها وواظب عليها والصلاة والسلام على سيدنا محمد معلم البشرية واستاذ كل استاذ الذي جاء بالحق المبين فبلّغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة فجزاه الله خير ما جازى نبياً عن قومه، ورسولاً عن أمته. وبعد.. فإن من نعم الله على عبادة أن شرع لهم الشرائع ، وفصل لهم الأحكام ؛ تحقيقاً لمصالحهم العاجلة والآجلة في الدنيا .. والآخرة. وجعل أهم العبادات بعد النطق بالشهادتين الصلاة ، وجعل مفتاحها الطهارة ، وهي أهم العبادات وآكد أركان الإسلام بعد الشهادتين؛ وهي أول ما يسأل العبد عنه في قبره. ونظراً لأن الإسلام منهج حياة صالح لكل زمان ومكان ويتسم بالشمول والعموم فقد جعل الشارع الحكيم الطهارة في المكان اللائق بها. نظراً لأهميتها فهي مفتتح كل كتاب يبحث في الفقه وخاصة العبادات. وجعل الشارع الحكيم أكثر من وسيلة للتطهير من النجاسات التي تصيب الإنسان في بدنه وثوبه والمكان الذي يعيش فيه، ذلك أن محور النشاط الإنساني يقوم على النظافة في كل شيء. إن الطهارة التي يريدها الإسلام طهارة شاملة، تبدأ من طهارة القلب من الشرك والأمراض القلبية كالرياء والكبر، وإعجاب المرء بنفسه. إلى الطهارة الحسية من النجاسات المختلفة، التي تصيبه في حياته في المأكل والملبس.. والمشرب.. الخ. ونحن اليوم أكثر من أي وقت مضى بأمس الحاجة إلى التقيد بالأحكام الشرعية في وسائل التطهير وبحاجة إلى الأسرة الطاهرة والفرد الطاهر في القلب والعبادة بالإخلاص لله عز وجل والبعد عن الرياء والشرك. ويوم كان المسلمون يتسمون بصفات الطهارة الشاملة كانت لهم العزة والنصر والسؤدد. ولما تهاونوا في هذا الموضوع الحساس ولم يعطوه الأهمية الكافية، نزلوا إلى الحضيض وأصبحت حياتهم مليئة بالضعف. وعبادتهم بالنقص. إن الانسان هو محور التكاليف الشرعية خلقة الله عز وجل بيديه وأكرمه غاية التكريم وأسجد له ملائكته، وميزه بالتفكير، وجعله خليفته في أرضه وسخر له الكون فعليه أن يتصف بالطهارة الشاملة، والتي تليق به أمام خالقه عز وجل لأن الله طيب لا يقبل إلا طيباً. والتطهير من النجاسات ليس مقصوراً على الإنسان بل يتعدى ذلك ليشمل الحيوان والنبات والجماد وكل ما يحيط بالإنسان ليتمكن من استعمالها والاستفادة منه بيسر وسهولة وفق أحكام الشريعة الإسلامية؛ لأن الطهارة في الإسلام شاملة للإنسان ولكل مرافق الحياة.