Discussion Committee:
د. علي عبد الحميد - رئيساً
د. جهاد عوض - مشرفاً ثانياً
د. جمال عمرو - مشرفاً وممتحناً خارجياً
د. عزيز الدويك - ممتحناً داخلياً
Authors:
هاشم محمد إبراهيم أبو هلال
Abstract:
يشكل تخطيط المدن أهمية كبرى في حياة الفلسطينيين, إذ يتصف بجانب حيوي هام يتصل اتصالا مباشرا ومؤثرا في حياتهم ووجودهم على الأرض, حيث يتعرضون في الضفة الغربية وقطاع غزة لنظام تخطيطي ذو صبغة استعمارية استيطانية يسعى لاقتلاعهم من أرضهم, كما يعمل جاهدا وبحزم للوقوف أمام آفاق تنمية أقاليمهم وتطويرها. وقد لعب التخطيط الإسرائيلي دورا هاما وحاسما في أقلمة ما تم اغتصابه من فلسطين عام 1948 يهوديا, وحدَّ من آفاق وسبل تنمية الأراضي التي بقيت بيد ما تبقى من أهل فلسطين العرب بعد عام 1948. كما استطاع التخطيط الإسرائيلي أن ينمي ويطور الأراضي التي سيطرت عليها إسرائيل وصادرتها من العرب في الفترة ما بين عام 1948-1967 يهوديا بحيث صبغت هذه الأراضي بصبغة العمل والسكن والتصنيع والتنمية والتطوير إسرائيليا صرفا وعملتا على تركيز وتشتيت الاستيطان الصهيوني في فلسطين المحتلة عام 1948 في آن واحد. وكان أول الوجبات التي بدأ التخطيط الإسرائيلي في التهامها والعمل على أقلمتها يهوديا هي مدينة القدس والقرى والتجمعات السكانية المحيطة بالمدينة واختط حدود المدينة آخذا بعين الاعتبار العمل على ضم اكبر مساحة ممكنة من الأراضي بأقل عدد ممكن من السكان العرب لما عرف في مصطلحه التخطيطي والسياسي بالقدس الشرقية. ومع الأخذ بعين الاعتبار وضعية المدينة وخصوصياتها ومميزاتها, والتي أعطتها مظهرا ومركزا سياديا بين مدن الكون والعالم لما تحتويه من ارث حضري, وما تمتلكه من خاصية القدسية لأتباع الديانات السماوية الثلاثة, فأن إسرائيل والتخطيط الإسرائيلي ممثلا بمؤسسات التخطيط به لم يأخذ بعين الاعتبار المركز الروحي والحضري والديني والسيادي الذي تحتله المدينة عند أصحاب الديانات المسيحيون والمسلمين, فشرعت ووفق آلية تخطيط محكمة ومتقنة في تهويد المدينة واعتبارها إرثا حضريا وعمرانيا يهوديا, ليس لأحد من غير اليهود صلة بها من بعيد أو قريب.
وتأتي هذه الدراسة لتسليط الضوء على الطبيعة العنصرية للتخطيط الإسرائيلي وأطماعه التي تهدف لتهويد المدينة وطرد أهلها منها وجعلها مدينة يهودية بمرور الوقت عبر آلية علمية منهجية, يضعها التخطيط كعلم تطبيقي موضع التنفيذ. كما حاولت الدراسة توضيح الأخلاقيات التي يتمتع بها القائمين على منهج وعلم التخطيط في دولة إسرائيل حيث تشكل العنصرية والشعور بالفوقية وحق الامتلاك لما يريده اليهودي وحقه كذلك أن يفعل ما يريد, أو بملخص القول (خذ ما تشاء وافعل ما تريد), الآثار التدميرية وبشكل منهجي للمدينة بما تمثله من ارث حضري إنساني ذو صبغة عربية. وكان فحص الاتجاهات التاريخية والعمرانية والسكانية للمدينة, مدخلا لفحص تطور أنظمة سياسات التخطيط في المدينة والعوامل الحضرية والثقافية التي ساهمت في تشكيلها الفيزيائي حتى دخول المدينة عصر الصراعات السياسية ورغبة السيطرة عليها بعد ان دب في الدولة العثمانية الضعف وأخذت المدينة تخضع لمؤثرات قوى الضغط الأجنبية عليها الأوروبية منها خاصة والتي ارتبطت ارتباطا وثيقا بحركة الاستيطان الاستعماري في القرن التاسع عشر وعلاقة ذلك بالحركة الصهيونية العالمية التي اتجهت أخيرا نحو العمل على إنشاء كيان استيطاني استعماري يهودي في فلسطين, واستخدام هذه المنظمة لعنصر التخطيط آلية لزرع اليهود وأقلمة فلسطين والمدينة. وحيث أن آلية التخطيط الإسرائيلي وإجراءاته لتهويد المدينة وربطها إقليميا بأهداف التخطيط القومية الإسرائيلية، فقد قمت بتحليل ومناقشة سياسات التخطيط الإسرائيلية في القدس الشرقية مشيرا إلى الأنظمة والقوانين التي تتصل اتصالا مباشرا بهذا الأمر, والتي ترجمت على الواقع مؤخرا بشكل مخططات ذات أبعاد خطيرة على مجتمع المدينة وأراضيها. ونظرا لان التخطيط الإسرائيلي يشكل إحدى أدوات إدارة الصراع الهامة بين العرب واليهود, الفريق الأول يسعى إلى حالة الإبقاء على نفسه وفق معطيات القوة التي يقابلها أمام معطيات القوة المادية والبشرية والاقتصادية الإسرائيلية الهائلة فقد تم الإشارة إلى السيناريوهات التي يحتمل وقوعها, والتي ستؤثر على المدينة وإقليمها تلقائيا نتيجةً ووفق الإجراءات الإسرائيلية والقوى الخارجية الداعمة لها, وما يجب اتخاذه إزاء هذه القوى من الجانب العربي الفلسطيني. وأخيرا فقد أظهرت نتائج هذه الدراسة وفق معطيات الإحصائيات وسياسة التخطيط الإسرائيلي, أهداف إسرائيل بجعل العرب أقلية عرقية في المدينة, لا حول لهم ولا قوة, واستحالة أن يكون لهم تأثير في القرار السياسي او الاقتصادي أو الاجتماعي أو التخطيطي في إدارة المدينة التي يخطط الإسرائيليون بأن يشكلوا القوة الفاعلة فيها اقتصاديا واجتماعيا وسكانيا, وجعل هذه المدينة متحفا بشريا للسكان العرب.